رجوع للمقالات
الخميس, 17 مارس 2005 02:31 ص

أخلاقيات أهل الشارع!


‫قبل سنوات من اليوم كّنا مضرب الأمثال في الشهامة والطيبة والكرم‪ ،‬ولكن لا أدري ما الذي أصابنا في‬
‫السنوات الأخيرة‪ ،‬هل هي عين حسودة كما يؤمن البعض بالعيون؟ أم نتائج الأحوال المادية المترّدية التي‬
‫نعيد كل صغيرة او كبيرة في حياتنا اليها؟‪ ..‬لا أحسب أن الأمر هذا ولا ذاك‪ ،‬بل أحسبه الابتعاد عن الخلق‬
‫الانساني القويم والمنهج الديني الصحيح‪ ..‬إذ كثي ار ما ينسى الناس مّنا بأنهم إنسانيون عندما يقودون‬

                                                                               ‫سيا ارتهم في الشارع!!‬
‫ما يجعلني أتكلم عن هذا اليوم‪ ،‬هو ما أذكره ولا أكاد أنساه مما أريته في بلاد سافرت اليها قبل سنوات‪ ،‬إذ‬
‫لا ت ازل شوارعها وأناسها حاضرين في ذاكرتي‪ ،‬فبرغم فقرهم وانشغالهم وكثافة شوارعهم‪ ،‬ألا أنني لا أذكر‬
‫أني سمعت صوت "هرن" سيارة واحدة في النها ارت التي خرجت فيها‪ ،‬الكل يقود سيارته بهدوء‪ ،‬البعض‬
‫مسرع قليلا ربما ولكن سرعته المعتدلة لم تجعله ينسى أخلاقياته في الشارع‪ ،‬فالكل يسمح للآخرين بالمرور‬
‫او التجاوز‪ ،‬يتوقفون بهدوء عن الاشا ارت‪ ،‬لا يغضب احدهم من الآخر ان دخل عليه مفاجئا‪ ،‬ويسمحون‬

                           ‫للمشاة بالعبور مبتسمين لهم‪ ..‬لكن ما الذي يحدث عندنا؟ تعالو لنلقي نظرة‪..‬‬

‫‪ -‬على الشخص الذي يريد عبور الشارع أن يرمي نفسه أمام السيارة لعل وعسى أن يعطيه سّواق الشارع‬
                           ‫"ويه" حتى يعبر‪ ،‬ونجد كيف بعض المشاة فقدوا حياتهم في محاولاتهم للعبور‪.‬‬

‫‪ -‬قد يقف شخص على الطريق السريع "الهاي وي" يطلب "لفت"‪ ،‬وطبعا لن تكون هناك أي كلافة على اي‬
‫سائق بتحميل هذا الشخص إلى نهاية الطريق على أبسط تقدير‪ ،‬لكن هذا المسكين سينتظر ويعرق‬
‫و"تتكسر رجوله" ولكن دون أن يلطف به أحد السواق الأفاضل‪ ،‬وستمر الساعات ليكتشف بأنه لو مشى‬

                                                      ‫تلك المسافة سي ار على الأقدام لكان أسرع وارحم‪.‬‬

‫‪ -‬للأطفال أيضا في هذه الوقاحة نصيب‪ ،‬فالسائق يحاتي وصوله إلى عمله مبك ار أكثر من وصول الطفل‬
‫إلى مدرسته سالما‪ ،‬فنجد من الأطفال من يدخل الشارع بخطوة ويت ارجع‪ ،‬ويظل يكرر ذلك دون ان تتوقف‬
‫له سيارة واحدة ليعبر‪ ،‬إلى أن يتوسط الطفل الشارع ليضع السيا ارت امام الامر الواقع فتتوقف‪ ،‬ولكن‬

                                                                         ‫بعضها قد لا ينتبه لتوّسطه!‬

                                                         ‫‪‬‬
‫‪ -‬على السائق الذي يريد الانضمام للشارع ان "يسقنر" وينتظر الى أن تشفق عليه إحدى السيا ارت‬
‫وتتوقف‪ ،‬لكن لا محل للرحمة‪ ،‬فيظهر قليلا بوجه سيارته للشارع ربما يعجبهم شكلها فيسمحوا له بالدخول‪،‬‬
‫لكن السيا ارت تتنحى قليلا عنه واحدة تلو الأخرى وتواصل سيرها‪ ،‬فيزيد من إخ ارج وجه سيارته إلى الشارع‬
‫فتزيد معها انحناءة السيا ارت حتى لا يتسّنى له الدخول‪ ،‬لدرجة ان "السيد" الآخر من الشارع يكون قد توقف‬
‫بسبب مرور سيا ارت "السيد" الاول‪ ،‬فينحرج هذا المسكين ويظل واقفا محله حتى يتع ّطف الله‪ ،‬وتنقلب‬

                      ‫الاشاره المؤدية لهذا الشارع الى حم ارء فيتمكن من العبور دون ان يذل نفسه لاحد!‬

‫‪ -‬على الفتاة المسكينة التي تريد ان "تريوس" لتخرج سيارتها او تدخلها في مكان ما‪ ،‬ان تطلب المساعدة‬
‫من احد اخوتها او جي ارنها او ربما اي شخص من الشارع قبل ان تموت من "الفشيلة"‪ ،‬وافضل من ان‬
‫ينقلب الشارع الى موكب عرس من شدة وتنوع وكثرة "الاه ارنة" التي ستطلق عليها‪ ،‬لكنها ستحصل على‬

                        ‫الكثير من الثواب بسبب "السب" الذي ستحصل عليه‪ ،‬خاصة ان لم تكن جميلة!!‬

‫‪ -‬بعض السواق عندهم مفاهيم خاطئة لاستخدام "السيقنير" فيعتقدون بانهم يستطيعون التجاوز بمجرد‬
‫تشغيله‪ ،‬لدرجة أن تدخل عليك سيارة تكاد تقتلك‪ ،‬فتكتشف بعد دخولها امامك بان السائق كان "مسغنر"‬
‫ولكنه لم يتقدم امامك ليعطيك الفرصة لرؤية السقنير‪ ،‬وهذه عادة خاطئة‪ ،‬فالسيقنير يعني الاستئذان‬

                                                          ‫بالدخول ولكنه لا يعطي الحق في الاقتحام!‬

‫‪ -‬عندما يريد شخص معرفة مكان بناية او محل فننصحه بالذهاب لمعاينة المكان وقت الفجر حتى يضمن‬
‫البحث عن المكان "على ارحة" بما ان الشارع خالي‪ ،‬فالبحث في الاوقات العادية مخاطرة كبيرة‪ ،‬فالسواق‬
‫لن يستطيعو التصبر لثواني حتى تجد المكان الذي تريده‪ ،‬وطبعا ستبدا الاه ارنات والاهانات‪ ،‬وقد يحاول‬

                            ‫احدهم حتى الاصطدام بسيارتك من الخلف من شدة القهر "فما يسوه عليك"!‬

‫‪ -‬تجد من المستعجلين في الشارع من يلصق بسيارتك من الخلف يكاد يدخل فيها حتى "تتن ّعز" عن‬
‫طريقه‪ ،‬ولكنه لا ينتظر لثواني حتى يخلو الشارع بجنبك لتنتقل اليه‪ ،‬ويطلق من "الديمفولات" عليك ما يكفي‬
‫لتقفز بنفسك على السيارة التي على يمينك او الرصيف على يسارك ليتمكن فقط هو من العبور في الوقت‬

                                                                                          ‫المناسب!‬

‫‪ -‬تجد من المتباطئين في الشارع من تقترب منه من الخلف ليشعر بانك تريد منه الاستعجال‪ ،‬ولكن كل ما‬
‫سيفعله هذا السائق الرومانسي الذي عادة ما يكون يتكلم بالهاتف او مع شخص جالس بقربه هو ان يقّلل‬

                                                             ‫من سرعته اكثر حتى "يبط جبدك" اكثر!‬

                                                         ‫‪2‬‬
‫‪ -‬تشهد الامتار القريبة من الاشارة الضوئية سباقا تنافسيا بين السواق على العبور قبل ان تنقلب حم ارء‪،‬‬
‫فيكاد الواحد منهم ان يقتل نفسه ومن حوله ليتجاوزها‪ ،‬مع انه حتى لو فعل قد لا يستفيد شئ‪ ،‬ففي العادة‬

                                                 ‫تكون الاشارة الضوئية الثانية امامها "اولردي" حم ارء!!‬
‫‪" -‬يهّرن" البعض اليك بطريقة مفزعه في الشارع للفت انتباهك اليه‪ ،‬ولكنه لا يدري بانه بهذا الهرن يبعد‬

                         ‫انتباهك عن الشارع بالكامل فيجعلك تصطدم بغيره او ربما برجل او ربما بنخلة!‬
‫‪ -‬تخرج الى عملك مستعجلا احيانا او تخرج من عملك مهلكا في احيان اخرى‪ ،‬وفي كلتا الحالتين تسابق‬
‫نفسك الرغبة في الوصول الى اينما تريد‪ ،‬ولكن لسوء الحظ تصطادك الزحمة والحفريات في كل شارع‬
‫اساسيا كان او فرعي‪ ،‬مما يضّيق عليك حياتك ويجعلك تنتظر بالربع والنصف ساعه في "السيد"‪ ،‬ولكن‬
‫وبكل بساطة ياتيك شخص فضولي فيقطع طريقك ويدخل امامك ويمر بكل بساطة في دربه حتى دون ان‬

                                                                                     ‫يتوقف لثواني!!‬
‫‪ -‬تجد بعض سواق النقل العام ووسائل النقل والشحن الكبيرة الاخرى في الشارع يعانون من م ارهقة متاخرة‪،‬‬
‫حيث يحسبون ما يقودونه مجرد د ارجات هوائية يمكنهم "التقلقص" بها بين السيا ارت والانتقال معها من‬

            ‫طريق لآخر فتنحجب الرؤية في الشارع وتتلّبك السيا ارت الصغيرة "حكم القوي على الضعيف"!‬
                           ‫‪ -‬مرض الفورمولا‪ 1‬اصاب حتى الشاحنات‪ ،‬فصارت تتجاوز بعضها البعض!‬

‫هذه بعض سلوكيات الأف ارد في الشارع للحكم‪ ..‬وكما يقال‪ ..‬سياقتك دليل أخلاقك‪ ..‬فليجبني أحدهم‪..‬‬
                                        ‫أفتسمى هذه التصرفات اللامسؤولة والقليلة الذوق‪ ..‬اخلاقيات؟!‬

بقلم: د. معصومة المطاوعة