قبل سنوات من اليوم كّنا مضرب الأمثال في الشهامة والطيبة والكرم ،ولكن لا أدري ما الذي أصابنا في
السنوات الأخيرة ،هل هي عين حسودة كما يؤمن البعض بالعيون؟ أم نتائج الأحوال المادية المترّدية التي
نعيد كل صغيرة او كبيرة في حياتنا اليها؟ ..لا أحسب أن الأمر هذا ولا ذاك ،بل أحسبه الابتعاد عن الخلق
الانساني القويم والمنهج الديني الصحيح ..إذ كثي ار ما ينسى الناس مّنا بأنهم إنسانيون عندما يقودون
سيا ارتهم في الشارع!!
ما يجعلني أتكلم عن هذا اليوم ،هو ما أذكره ولا أكاد أنساه مما أريته في بلاد سافرت اليها قبل سنوات ،إذ
لا ت ازل شوارعها وأناسها حاضرين في ذاكرتي ،فبرغم فقرهم وانشغالهم وكثافة شوارعهم ،ألا أنني لا أذكر
أني سمعت صوت "هرن" سيارة واحدة في النها ارت التي خرجت فيها ،الكل يقود سيارته بهدوء ،البعض
مسرع قليلا ربما ولكن سرعته المعتدلة لم تجعله ينسى أخلاقياته في الشارع ،فالكل يسمح للآخرين بالمرور
او التجاوز ،يتوقفون بهدوء عن الاشا ارت ،لا يغضب احدهم من الآخر ان دخل عليه مفاجئا ،ويسمحون
للمشاة بالعبور مبتسمين لهم ..لكن ما الذي يحدث عندنا؟ تعالو لنلقي نظرة..
-على الشخص الذي يريد عبور الشارع أن يرمي نفسه أمام السيارة لعل وعسى أن يعطيه سّواق الشارع
"ويه" حتى يعبر ،ونجد كيف بعض المشاة فقدوا حياتهم في محاولاتهم للعبور.
-قد يقف شخص على الطريق السريع "الهاي وي" يطلب "لفت" ،وطبعا لن تكون هناك أي كلافة على اي
سائق بتحميل هذا الشخص إلى نهاية الطريق على أبسط تقدير ،لكن هذا المسكين سينتظر ويعرق
و"تتكسر رجوله" ولكن دون أن يلطف به أحد السواق الأفاضل ،وستمر الساعات ليكتشف بأنه لو مشى
تلك المسافة سي ار على الأقدام لكان أسرع وارحم.
-للأطفال أيضا في هذه الوقاحة نصيب ،فالسائق يحاتي وصوله إلى عمله مبك ار أكثر من وصول الطفل
إلى مدرسته سالما ،فنجد من الأطفال من يدخل الشارع بخطوة ويت ارجع ،ويظل يكرر ذلك دون ان تتوقف
له سيارة واحدة ليعبر ،إلى أن يتوسط الطفل الشارع ليضع السيا ارت امام الامر الواقع فتتوقف ،ولكن
بعضها قد لا ينتبه لتوّسطه!
-على السائق الذي يريد الانضمام للشارع ان "يسقنر" وينتظر الى أن تشفق عليه إحدى السيا ارت
وتتوقف ،لكن لا محل للرحمة ،فيظهر قليلا بوجه سيارته للشارع ربما يعجبهم شكلها فيسمحوا له بالدخول،
لكن السيا ارت تتنحى قليلا عنه واحدة تلو الأخرى وتواصل سيرها ،فيزيد من إخ ارج وجه سيارته إلى الشارع
فتزيد معها انحناءة السيا ارت حتى لا يتسّنى له الدخول ،لدرجة ان "السيد" الآخر من الشارع يكون قد توقف
بسبب مرور سيا ارت "السيد" الاول ،فينحرج هذا المسكين ويظل واقفا محله حتى يتع ّطف الله ،وتنقلب
الاشاره المؤدية لهذا الشارع الى حم ارء فيتمكن من العبور دون ان يذل نفسه لاحد!
-على الفتاة المسكينة التي تريد ان "تريوس" لتخرج سيارتها او تدخلها في مكان ما ،ان تطلب المساعدة
من احد اخوتها او جي ارنها او ربما اي شخص من الشارع قبل ان تموت من "الفشيلة" ،وافضل من ان
ينقلب الشارع الى موكب عرس من شدة وتنوع وكثرة "الاه ارنة" التي ستطلق عليها ،لكنها ستحصل على
الكثير من الثواب بسبب "السب" الذي ستحصل عليه ،خاصة ان لم تكن جميلة!!
-بعض السواق عندهم مفاهيم خاطئة لاستخدام "السيقنير" فيعتقدون بانهم يستطيعون التجاوز بمجرد
تشغيله ،لدرجة أن تدخل عليك سيارة تكاد تقتلك ،فتكتشف بعد دخولها امامك بان السائق كان "مسغنر"
ولكنه لم يتقدم امامك ليعطيك الفرصة لرؤية السقنير ،وهذه عادة خاطئة ،فالسيقنير يعني الاستئذان
بالدخول ولكنه لا يعطي الحق في الاقتحام!
-عندما يريد شخص معرفة مكان بناية او محل فننصحه بالذهاب لمعاينة المكان وقت الفجر حتى يضمن
البحث عن المكان "على ارحة" بما ان الشارع خالي ،فالبحث في الاوقات العادية مخاطرة كبيرة ،فالسواق
لن يستطيعو التصبر لثواني حتى تجد المكان الذي تريده ،وطبعا ستبدا الاه ارنات والاهانات ،وقد يحاول
احدهم حتى الاصطدام بسيارتك من الخلف من شدة القهر "فما يسوه عليك"!
-تجد من المستعجلين في الشارع من يلصق بسيارتك من الخلف يكاد يدخل فيها حتى "تتن ّعز" عن
طريقه ،ولكنه لا ينتظر لثواني حتى يخلو الشارع بجنبك لتنتقل اليه ،ويطلق من "الديمفولات" عليك ما يكفي
لتقفز بنفسك على السيارة التي على يمينك او الرصيف على يسارك ليتمكن فقط هو من العبور في الوقت
المناسب!
-تجد من المتباطئين في الشارع من تقترب منه من الخلف ليشعر بانك تريد منه الاستعجال ،ولكن كل ما
سيفعله هذا السائق الرومانسي الذي عادة ما يكون يتكلم بالهاتف او مع شخص جالس بقربه هو ان يقّلل
من سرعته اكثر حتى "يبط جبدك" اكثر!
2
-تشهد الامتار القريبة من الاشارة الضوئية سباقا تنافسيا بين السواق على العبور قبل ان تنقلب حم ارء،
فيكاد الواحد منهم ان يقتل نفسه ومن حوله ليتجاوزها ،مع انه حتى لو فعل قد لا يستفيد شئ ،ففي العادة
تكون الاشارة الضوئية الثانية امامها "اولردي" حم ارء!!
" -يهّرن" البعض اليك بطريقة مفزعه في الشارع للفت انتباهك اليه ،ولكنه لا يدري بانه بهذا الهرن يبعد
انتباهك عن الشارع بالكامل فيجعلك تصطدم بغيره او ربما برجل او ربما بنخلة!
-تخرج الى عملك مستعجلا احيانا او تخرج من عملك مهلكا في احيان اخرى ،وفي كلتا الحالتين تسابق
نفسك الرغبة في الوصول الى اينما تريد ،ولكن لسوء الحظ تصطادك الزحمة والحفريات في كل شارع
اساسيا كان او فرعي ،مما يضّيق عليك حياتك ويجعلك تنتظر بالربع والنصف ساعه في "السيد" ،ولكن
وبكل بساطة ياتيك شخص فضولي فيقطع طريقك ويدخل امامك ويمر بكل بساطة في دربه حتى دون ان
يتوقف لثواني!!
-تجد بعض سواق النقل العام ووسائل النقل والشحن الكبيرة الاخرى في الشارع يعانون من م ارهقة متاخرة،
حيث يحسبون ما يقودونه مجرد د ارجات هوائية يمكنهم "التقلقص" بها بين السيا ارت والانتقال معها من
طريق لآخر فتنحجب الرؤية في الشارع وتتلّبك السيا ارت الصغيرة "حكم القوي على الضعيف"!
-مرض الفورمولا 1اصاب حتى الشاحنات ،فصارت تتجاوز بعضها البعض!
هذه بعض سلوكيات الأف ارد في الشارع للحكم ..وكما يقال ..سياقتك دليل أخلاقك ..فليجبني أحدهم..
أفتسمى هذه التصرفات اللامسؤولة والقليلة الذوق ..اخلاقيات؟!