شهد العالم العربي والعالم المسلم والعالم الانساني في الايام الاخيرة نكتة جديدة من النكت الـ made in
USAعندما وقف الوصي ارمسفيلد ليؤدي اعتذا ار رسميا مؤث ار وليقسم ارفعا يده ليتحمل مسؤلية ما جرى مع
المعتقلين الع ارقيين على ايدي بعض المرتزقة من فئ ارن الاحتلال المعتادة على سرقة الجبن من المطابخ في
المساء بينما تظهر نواياها الحسنة طوال النهار بلعق اذنابها في جحورها محترمة حقوق اصحاب المنزل في التنزه
فيه دون رؤية اخلاقياتها المقرفة ..فأي عقول يحسبون انفسهم يخاطبون؟
التقت قناة الجزيرة الكاتبة والباحثة »حياة حويك «من باريس على الهواء مع مدير منتدى الشرق الاوسط »دانييل
بايبس« من فلادلفيا في برنامج حوار مفتوح ،ليتحدثا عن غياب حوار الحضا ارت كالتي ادت الى انتهاكات الذات
الانسانية التي حصلت في سجن ابو غريب في الع ارق ،لتضيف الى تأكيدنا تأكيدا بكم نوايا السياسة الامريكية
خالية من النبل الذي تعتزمه ،حيث كانت تفسي ارت الآخر للمارسات التي حصلت اعذار اقبح من الذنوب ،كما ان
خلط المصطلحات الذي وقع فيها المحترم دانييل جعله يقر بغباء نظرة هذه الامة للشعوب العربية وهي نظرة لا
تحمل غير التقليل والاستخفاف ،اذكر من كلامه »لا نقول بأن الحال في الع ارق اصبح جيدا ولكنه افضل من
الوضع ايام صدام حسين ،وان كنتم تعرضون اناس تعرضوا للاذى في ظل الاحتلال فمن العدل ان تعرضوا
آخرين يشعرون بالارتياح! الشرق الاوسط والعرب يقومون بخطأ كبير اذا تجاهلوا التجربة الديمق ارطية الامريكية
فهي ذات خبرة طويلة في هذا المجال ،وانا اعتقد بان النظرة الى الاهداف الامريكية ونواياها بشك هو سبب
وستعرفون«.. تهديدا نمثل لا نحن العربي، الانفعال
عزيزي دانييل ..عندما دخلت قوى الاحتلال الع ارق لم تكن تفكر بجعل الحال ـ على حد قوله ـ افضل من احوال
صدام حسين بقدر ما كانت تفكر بجعل الحال جيدة! فمقارنة الاحوال اليوم بالاحوال السابقة او سجون الاحتلال
بسجون صدام لا يحمل مضمونه النوايا الحسنة بقدر ما يحمل الاستخفاف ،صدام ماضي بتر ساق الشعب
وامريكا حاضر يبتر قدمه والنتيجة في كلتا الحالتين مستقبل بشعب اعرج!! اما المعادلة ـ العادلة ـ التي عرضها
عزيزنا بطلبه استضافة اناس سعيدة بالاحتلال كما نعرض المستائين منه فهي معادلة لا تحقق اصلا شروط
الوصف بالمعادلة! صدام كان ظالما وجلادا وطاغية وهذا لا خلاف عليه بالاجماع فهو يظلم ـ عين بعين ـ ولا
يلعب دور حمامة السلام كما يفعل الحبيب بوش بوجهه الاحمر البريء ،فعرض اناس سعيدين لا يعني بان
الاهداف الامريكية المزعومة قد تحققت ،بل كل ما قد يعنيه بان ظلم صدام قد غاب ،وغياب ظلم صدام لا يعني
بالضرورة ان امريكا ليست اش ارق ظلم جديد! بدليل فضائح المعتقلات التي لم يجربها بعد السعيدون بالاحتلال!!
اما عن الخبرة الامريكية ـ فنعم ـ انها تعطي الكثير من الحريات لشعوبها ،حريات قد تصل لدرجة الاغتصاب
والقتل كما حصل في ابو غريب وشوارع بغداد والفلوجة والبصرة والنجف وغيرها وطبعا لا شك في ان السياسة
الامريكية لديها الخبرة البارزة في الانتهاكات ذات النوايا الحسنة التي بدأت بفلسطين وسارت لافغانستان حتى
وصلت الع ارق والله اعلم بالمحطة التالية من مشوار قطارها الذي لا يتوقف ،ثم من خلق هذا الشك الذي يتكلم
عنه مديرنا هذا؟ أليست امريكا نفسها؟! وإلا ما الذي وجه اعين بوش الرؤفة لمساعدة الع ارق وتحقيق الديمق ارطية
على ارضها بينما هناك دول تعاني الفقر وغياب الحريات ربما اكثر من الع ارقيين كالسودان والصومال و ازئير
وارتيريا وغيرها ،أليس ذلك كله ـ كرمان عيون الآبار ـ ؟؟ وهل الحرية عند امريكا في الاعتقال والمداهمة
والتعذيب! واين حوار الحضا ارت الذي سنخطأ خطئا فادحا اذا لم نتعلمه ###البصرة الحكومة الامريكية؟ من
و ازرة النفط وانابيبها التي لم تحرس امريكا غيرها في الع ارق؟ ام من جامعة البصرة والمتاحف والت ارث والتاريخ
الذي حطمته في ###صوتها من الاباء والعروبة ما يكفي لاهنئها على قولها »الع ارق لم تنتظر امريكا لتبني لها
قيادة وحضارة فالع ارق كانت كذلك قبل ان تنوجد امريكا« فما بال الامريكان اليوم يدغدغون مشاعرنا ليبنوا لنا
تاريخا!!
اما التعويضات الموعودة من ارمسفيلد فهي ليست إلا سيناريوهات مسلسل »النوايا الحسنة «التي تصر امريكا
على انتاجه واخ ارجه والمشاركة فيه في كل مهرجانات الصلح والسلام الديمق ارطية والحوار التي تشهدها المنطقة،
مع انه ليس إلا مسلسلا تافها يتابعه الجميع لا لجودة مادته بقدر ما يتابعونه لكثرة مغرياته التي يتعطش العرب
مكتوفي الاذرع ومعصوبي القرنيات لنيل القليل منها ،كما كنا نشاهد قديما في الافلام الهندية عندما يستأجر
البطل بعض الشباب ليتحرشوا بحبيبته ثم يمثل مفاجأتهم لانقاذها ويبدأ بضربهم وطردهم لتتضح لها شهامته
وشجاعته فتقع في حبه ،ولكنها سرعان ما تنصدم لكونه لا يقوى على حمايتها من مداهمة صرصور!!
لما الاعتذار والتعويض ان كنا جميعا نعلم بان كل ما حصل مجرد تمثيلية لكسب الحبيبة ـ حبيبة بوش ـ التي
تمثل اليوم العالم بشكل عام والعربي بشكل خاص ،مع ان الحبيبة اليوم لم تعد تلك الفتاة القروية الساذجة لتنطوي
عليها اللعبة بل هي فتاة ثورة معلومات معاصرة ،تدرك بان ما يجري ليس الا استخفاف ثم استخفاف ثم
استخفاف ،وان ما حصل في هذه السجون حصل بعلم ومنهجية قصدتها ورسمتها وطبقتها السياسة الامريكية
متعمدة كأحد حلقات مسلسلها الذي اقسمت على ان لا تكون له حلقة اخيرة ،دليل ذلك الاسلوب المهين الذي تم
به التعذيب من التعرية الى ممارسة الجنس ،الى ان تفاجئنا وكالات الانباء اخي ار بدفاع نائب الرئيس الامريكي
»ديك تشيني« عن ارمسفيلد بوصفه افضل وزير دفاع عرفه تاريخ الولايات المتحدة ،ـ فاذا كان هذا هو الافضل
فتخيلوا حالة الباقين وتخليوا هذا التاريخ الذي يدعونا دانييل للاستفادة منه! ـ كما قال »ينبغي ان يكف الناس عن
انتقاد ارمسفيلد ويدعوه يمارس عمله« ـ اي عمل؟! دوس الك ارمة الانسانية العربية!! ـ وهي ليست مفاجأة بعقليات
هذه الامة الفاسدة بقدر ما هي مفاجأة بدرجة وقاحتها ،والاقبح من ذلك ما نقلته صحيفة» الغارديان« من تأكيد
ضابط بريطاني سابق في القوات الخاصة بان وسائل التعذيب القذرة هذه ليست الا تقنيات شائعة الى حد كبير
معروفة باسم »مقاومة الاستجواب« حيث يدخل فيها الاذلال والتحقير الجنسي للمعتقل بانتظام!! فهل درس امثال
هؤلاء بنود القانون الدولي ومعاهدة جنيف؟!
فأي دليل اكبر من كل ذلك على ان ما حصل ليس إلا اسلوب تعمدته اجهزة الاستخبا ارت بعلم من السياسة
الامريكية لتحقيق احد اهدافها الاباحية لتقول فيها للاسرى وللعرب والمسلمين »أهذا ما ينهاكم عنه دينكم؟!«.
كما ان تحليل احد السياسيين الذي ظهر مؤخ ار على احدى المحطات الاخبارية كان يرجح ان تكون قصة نشر
صور التعذيب وتداولها ايضا حكمة امريكية ،حتى يقتنع العرب بضرورة ادخال اط ارف اخرى اكثر ثقة من امريكا
لتساهم في بناء الع ارق جديدة ،ولن تكون هذه الاخرى إلا شريكة تلعب احد ادوار الكومبارس الصامت في مسلسل
امريكا الخبيث ،وما حدا هذا للوصول الى ذلك هو استنكاره من امكانية تسرب هذه الصور وانتشارها رغم الرغبة
الامريكية! ولا ادري مدى صحة هذا الاعتقاد!!
كما يذكرني كل هذا بفيلم تسجيلي عرضته قناة العربية يوضح كيف قتل بعض المجندين الامريكيين ثلاثة من
الع ارقيين بامر من قائد المروحية التي اطلقوا منها الرصاص ،وكنت قد أريت هذا الفيلم على الانترنت قبل اسابيع
عدة من انتهاكات ابو غريب ،فهل ت ارني اعرف اكثر من ارمسفيلد عن ممارسات جنوده؟ غير التقارير التي
تداولتها الكثير من الجهات والمنظمات كالهلال الاحمر ،والتي تشير بالممارسات اللانسانية في المعتقلات والتي
توزعت قبل فضيحة السجون بشهور ،ايعقل ان كل هذا يجري ويتداول وبوش لا ي ازل ـ نائما على ادانو ـ لتبعث
الحكومة الامريكية اليوم قسمها واعتذارها وتعويضاتها؟! أليست هذه الخطابات تسخيف للعقلية العربية واستخفاف
بالحقوق الانسانية؟! وهل كانت امريكا لتقبل التعويضات على اغتصاب بناتها المغتصبات اصلا؟! طبعا لا!..
فمقام الذات الامريكية لها حسابات خاصة ومختلفة عن الذوات الع ارقية والفلسطينية والعربية..
فهنيئا للعرب الفلسطين الجديدة ..مع بعض التعويضات !..